عائدون بحلة جديدة

موقع قيد الانشاء

«هلال كردي» ملتهب يحاصر تركيا: «توازن رعب»


Kl:12,03 06|10|2012  Dengê kurd

في خضم المواجهات العنيفة التي يخوضها الجيش السوري مع المسلحين، وتركيز العدسات والأقلام على دمشق وحلب، يغيب الإعلام غيابا شبه كلي عن بعض الأحداث البارزة التي يمكن أن تؤثر على السياسة الإقليمية في التعاطي مع الملف السوري.

ومن أهم هذه الأحداث، تصاعد حدة هجمات حزب العمال الكردستاني داخل تركيا، حيث امتدت عملياته العسكرية مؤخرا لتطال العاصمة أنقرة، هذا عدا المعارك الضارية التي يخوضها يومياً ضد الجيش والقوى الأمنية التركية، والتي يسقط ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من كلا الطرفين.
صحيح أن الصراع بين الطرفين ليس وليد اليوم، ولكن التطور النوعي الذي أحدثه «الكردستاني» في عملياته العسكرية منذ العام الماضي والتبدل في استراتيجيته المتبعة منذ عشرات السنين، كان محط تساؤلات واتهامات عديدة، خاصة أنه ترافق مع التطورات الدامية في سوريا.
واتهمت تركيا صراحة النظام السوري بدعم الأكراد لوجستياً وعسكرياً، ولمّحت إلى تورّط إيران، في العديد من التقارير الاستخباراتية التي أشارت فيها إلى تحركات مشبوهة لحزب «الحياة الحرة» (بيجاك) الكردي بعلم طهران. كما هددت باستهداف المناطق الكردية التي انسحب منها الأمن السوري إن تحولت لقواعد تشن منها عمليات عسكرية ضدها. حتى أن البعض تحدث عن «هلال كردي» ملتهب يحاصر أنقرة، يبدأ في إيران، ويمر بالعراق، وينتهي في سوريا.
اتهامات وتهديدات اعتبرها محللون سياسيون «فارغة من أي دليل» ووضعوها في خانة «التهويل الإعلامي» لحكومة تعيش مأزقاً حقيقياً مع جيرانها، مستندين في رأيهم إلى عدة عوامل، ومنها عدم استخدام الحدود السورية - التركية في أي عملية عسكرية للأكراد، وإلى الطبيعة الجغرافية لهذه الحدود التي لا تصلح لشن عمليات كهذه.

وفي ظل غياب أي تعليق رسمي من سوريا أو إيران حول هذا الموضوع، تبقى كل الاحتمالات واردة في سياسة تقاطع المصالح، حتى ولو اقتضى الأمر اللعب على «حافة الهاوية» مع طائفة تبدو كأنها تستعد بهدوء «للانفصال» عن سوريا وتحقيق حكم ذاتي في شمال البلاد في حال استمرار الأزمة أو سقوط النظام، حسبما أوردت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.
فالخطر يكمن في إقحام الأكراد بالصراعات الإقليمية بأجندة هؤلاء الخاصة، أي حلمهم بإقامة دولة كردستان التي تتضمن أجزاء إيرانية وعراقية وسورية وتركية، لذا سعى الجميع في السنوات الأخيرة إلى الحد من الطموح الكردي حفاظاً على مصلحة هذه الدول. إلا أن التطورات الأخيرة في سوريا، أعادت خلط الأوراق، فبرزت الورقة الكردية من جديد على كل المستويات، السياسية والأمنية والاجتماعية، وكل طرف يسعى جاهداً لاستمالة الأكراد، فالمعارضة السورية استطاعت ضم «المجلس الوطني الكردي» و«حزب المستقبل الكردي» وبعض الشخصيات المستقلة، بغض النظر عن الخلافات الأساسية التي تعصف بين هذه الأحزاب من جهة و«المجلس الوطني السوري» من جهة أخرى.

سوريا تحاول استمالتهم إلى صفها

في المقابل، عملت القيادة السورية على ما يبدو، على إخراج الأكراد من تجاذبات الضغط ومحاولة استمالتهم إلى صفها، مستفيدة من عدة عوامل:
1ـ العلاقة التاريخية التي تربط ما بين القيادة السورية وحزب العمال الكردستاني، الذي تأسس في وادي البقاع في لبنان في العام 1978، وقد دعمت موسكو تطوره بهدف زعزعة استقرار تركيا التي كانت تمثل عضواً بارزاً في حلف شمال الأطلسي خلال «الحرب الباردة».
2ـ الاعتراف الرسمي بالأكراد كجزء من مكونات المجتمع السوري، والعمل على منحهم الجنسية السورية بعد أن كانوا يعتبرون من مكتومي القيد. وفي أواخر العام 2011 سمحت دمشق لـحزب الاتحاد الديموقراطي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني) بفتح ست مدارس لغات كردية في شمال سوريا.
3ـ العداوة بين الاكراد والسلطة منذ عهد أتاتورك، فهم في مواجهة دائمة ومفتوحة مع أنقرة.
لا إعلان رسمياً حتى اللحظة عن التقارب بين الطرفين، لا من جانب النظام السوري ولا من جانب قيادة «الكردستاني»، لكن الإشارات التي تدل على التحالف الصامت بينهما تتكثف، ومنها:
1ـ إنهاء «الكردستاني» هدنته مع تركيا مع بداية الأزمة السورية في شباط العام 2011. وكانت الرسالة الأولى في 14 تموز، أي بعد حوالي الشهر من الحديث عن «منطقة عازلة» على الحدود التركية - السورية، حين قتل مقاتلو الحزب 13 جندياً تركياً في واحدة من أعنف المواجهات بين الطرفين. وتتالت بعدها الهجمات والتفجيرات التي استهدفت ضباطاً وجنوداً وقوافل عسكرية، بالإضافة إلى وزارات في أنقرة.

2ـ تهديد رئيس اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني مراد قره يلان، بأن أي تدخل تركي في شؤون أكراد سوريا، أو أي هجوم عليهم، سيحوّل «كردستان» إلى ساحة حرب ضد تركيا.
3ـ انسحاب الأمن السوري فجأة من بعض المدن والقرى التي يقطنها الأكراد في مناطق شمال شرق سوريا وشمال غربها على الحدود مع تركيا، وتسليمها لحزب الاتحاد الديموقراطي، الذي رفع الأعلام الكردية على الإدارات والمؤسسات والمباني وصور زعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان، وأقام حواجز تفتيش، بالتوازي مع تدريبات لكوادره لإدارة هذه المناطق أمنياً وإدارياً وسياسياً واجتماعياً، والعمل على توسيع نطاق سيطرته. كما ساهمت هذه الخطوة بإنشاء «هلال» كردي ملتهب يطوّق تركيا، عبر حدودها في الجنوب من إيران مروراً بالعراق فسوريا، ويكون شوكة في خاصرتها، وينقل المعركة إلى أراضيها في ما لو حاولت التقدم باتجاه الأراضي السورية لإقامة منطقة عازلة أو آمنة، فينفجر اللغم الكردي فيها، وتغرق في حرب مدمرة مع عدوها التاريخي.
4ـ أصبحت الهجمات أكثر دقة في الأيام الماضية، مع ازدياد ملحوظ في حجم الخسائر العسكرية، كما شمل بنك الأهداف أيضاً طائرات استطلاع تركية، ومدعياً عاماً وغيره من الشخصيات المدنية التابعة للحكومة، مع تخوّف من توسع العمليات لتشمل نخبة المجتمع المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، في صورة تشبه تلك الموجودة في سوريا، حيث تقوم المجموعات المسلحة باغتيال إعلاميين وأطباء ومهندسين وقضاة ومحامين وغيرهم من النخبة المقربة من حزب البعث الحاكم.




جميع الحقوق محفوظة @ 2015 صـــوت الكـــــورد sawtalkurd .

التصميم من قبل Sawtalkurd | ألوان